الزكاة
هل الفرح بالمدح بعد الطاعة يعد من الرياء؟
| والله سؤال مهم، أحبابنا الكرام أنا وأنتم، ما منّا إنسانٌ يُمدَح فيستاء، لنكون صريحين، يعني أنا اليوم إذا ألقيت محاضرةً ناجحة، وجاءني رجلٌ منكم وقال لي: جزاك الله خيراً المحاضرة ناجحة، فهل أغتم لذلك أم أفرح؟ فهذا لا يُعد من الرياء، مُجرَّد أنه وجد في قلبه سروراً لمدح الناس له لا يُعد من الرياء، وقد ورد: |
{ إذا مُدِحَ المؤمنُ ربا الإيمانُ في قلبِهِ }
(أخرجه الطبراني والحاكم)
| أي ازداد، لكن في الوقت نفسه: |
{ أنَّ رجُلًا مدَح رجُلًا عندَ ابنِ عمرَ فجعَل ابنُ عمرَ يرفَعُ التُّرابَ نحوَه وقال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأَيْتُم المدَّاحينَ فاحثُوا في وجوهِهم التُّرابَ }
(أخرجه أحمد والبيهقي والطبراني)
| المدّاحين مبالغة من المادحين، يعني يأتي إليك رجُلٌ بعد الخطبة ويقول لك: ما هذه الخطبة يا شيخ؟! والله أنت فُقت الإمام الغزالي، وفُقت شيوخ الدنيا كلها! أجمل خطبة بالعالم، هذا المدَّاح الذي يُكثِر المدح، يُقعدك عن العمل ويوهمك أنك أفضل الناس هذه المشكلة، أمّا أن يُقال لمن أحسَن أحسنت فيُسرّ، الأب رأى ابنه يُصلّي صلاةً مُتقنة، بعد أن انتهى قال له: ما شاء الله هذه الصلاة التي يُحبها الله ورسوله، الابن يُسرّ لا مانع، أنت تُصلّي في مسجدٍ ما قصدت إلا وجه الله فالعِبرة في النية، فجاءك من وجدك تقوم بالعبادة على أتم وجه، فقال لك: ما شاء الله والله أعجبتني صلاتك، والله شيء جيد، ليس هناك أي مشكلة وليس رياءً، الرياء هو في القلب بأن تكون الطاعة في الأصل متوجهة لأن يراه الناس، يقوم ليُصلّي فيرى الناس ينظرون إليه فيُزيِّن من صلاته كما قال صلى الله عليه وسلم لما يرى من نظر رجُلٍ إليه: |
{ خرج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحن نتذاكر المسيحَ الدجالَ فقال: ألا أخبركم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيحِ الدجالِ؟ فقلنا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: الشركُ الخفيُّ أن يقوم الرجُل فيُصلي فيزيدُ صلاتَه، لما يرى من نظرِ رجلٍ }
(أخرجه ابن ماجه وأحمد)
| يُزيِّن لما يرى هذا هو الرياء، أمّا هو هذه هي صلاته متقنة، فقال له أحدهم: ما شاء الله صلاةٌ متقنة فدخل السرور إلى قلبه، هذه فطرة لا يُحاسَب الإنسان عليها. |
| دخل رجُلٌ إلى المسجد فوجد إنساناً يُصلّي صلاةً متقنة جداً جداً، فقال له: ما شاء الله، والله أعجبتني صلاتك، وأنا مسافر وأُريد أن أضع عندك هذه الوديعة، لِما رأيت من إخلاصك في الطاعة، قال له: وأنا صائمٌ اليوم، قال له: والله صيامك ما أعجبني، أعجبتني صلاتك فقط، فالرياء أن تُظهِر ما عندك للناس رغبةً في كسب ثنائهم، وليس أن يُثنيَ عليك الناس عقِب فعلك للطاعة. |

