رمضان شهر الانتصارات

  • 2018-05-18
  • عمان
  • مسجد الزميلي

رمضان شهر الانتصارات


الخطبة الأولى:
يا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد مِلْء السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ومِلْء ما بينهما، وَمِلْء مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْد، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْد، لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، غِنَى كُلِّ فَقِير، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيل، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيف، وَمَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوف، فكيف نفتقر في غناك؟ وكيف نضل في هداك؟ وكيف نَذِلُّ في عزك؟ وكيف نُضامُ في سلطانك؟ وكيف نخشى غيرك والأمرُ كله إليك؟ وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلته رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمدٍ وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فيا أيها الأخوة الكرام؛ رمضان شهر الانتصارات لا كما يتوهم كثيرون أنه شهر راحةٍ وقعودٍ عن العمل، ولا أدلّ على ذلك من أن معارك كثيرة فاصلة في حياة المسلمين كانت في شهر رمضان المبارك ومنها غزوة بدر أولى المعارك الفاصلة في تاريخ المسلمين، غزوة بدر في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة.

رمضان شهر انتصارات:
المسلم ينتصر على نفسه في رمضان
أيها الأخوة الكرام؛ رمضان شهر انتصارات لأن المسلم يستطيع أن ينتصر على نفسه في رمضان فيمنعها من شهواتها المباحة من طعامٍ وشرابٍ، فضلاً عن أنه يمنعها من شهواتها المحرمة كالغيبة والنميمة، فيضبط نفسه وفق منهج الله في رمضان، فحريٌّ إذاً أن يكون النصر الأعظم في رمضان وهو نصر بدر، لأن الذي ينتصر على نفسه يمكن أن يواجه عدوه، أما المهزوم أمام نفسه فلا يستطيع أن يواجه نملةً فضلاً عن أن يواجه جيشاً في ساحة المعركة، فالنصر أيها الأخوة؛ يبدأ من الداخل، النصر يبدأ من الداخل.
لذلك أيها الأخوة الكرام؛ أولى مراتب الجهاد: جهاد النفس والهوى، وهذا الكلام ليس من عندي لكنه كلام الله تعالى، قال تعالى:

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)
[سورة العنكبوت]

(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) أي جاهدوا في تطبيق منهج لله.
فالجهاد لغةً هو بذل الجهد والوسع في تحصيل أمرٍ ما، فكل من يبذل جهده في تحقيق أمر فهو يجاهد في سبيل تحقيقه.
جهاد النفس والهوى أولى مراتب الجهاد
أما شرعاً: فهو بذل الجهد والوسع لتحقيق أمرٍ مرغوبٍ ومطلوبٍ شرعاً، فالذي يجاهد نفسه ليمنعها من أن تفعل شيئاً لا يرضي الله تعالى فهذا هو جهاد النفس والهوى، تمهلوا أيها الأخوة لا تظنوا أنني أريد أن أظلم كلمة الجهاد كما ظلمت كثيراً، فإنني والله لا أعلم كلمةً ظلمها أعداؤها وأبناؤها كما ظلمت كلمة الجهاد، أنا لا أريد أن أظلمها فأقصرها على جانبٍ واحدٍ وهو جهاد النفس والهوى استجابةً لما يريده الغرب، أبداً، لكنني أقول: إن أولى مراتب الجهاد هو جهاد النفس والهوى، هو بمثابة التعليم الأساسي الذي لا يمكن أن يبنى عليه تعليمٌ جامعيٌّ إلا إذا كان متيناً وصحيحاً فقط، فجهاد النفس والهوى مطلوب، مطلوبٌ شرعاً أن نجاهد أنفسنا وهواها، وهذا الذي نفعله في رمضان.
ثم بعد جهاد النفس والهوى يأتي الجهاد الدعوي: وهو نشر العلم وتعليم القرآن الكريم قال تعالى:

فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)
[سورة الفرقان]

(وَجَاهِدْهُم بِهِ) أي بالقرآن الكريم (جِهَادًا كَبِيرًا) فسمّى الجهاد بالقرآن الكريم (جِهَادًا كَبِيرًا).
ثم يأتي بعد ذلك الجهاد البنائي: ما الجهاد البنائي؟

وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)
[سورة الأنفال]

(وَأَعِدُّوا لَهُم) هذا بناء، أن نعد لأعدائنا ما نستطيع من قوة (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) وجاءت (مِّن) قبل كلمة (قُوَّةٍ) وأهل اللغة يعرفون؛ لاستنفاد أنواع القوة جميعها، ففي الإعلام قوة، في تربية الأولاد قوة، وفي إنشاء الجامعات التي تربي الجيل وتعلمه معاً قوة، وفي العمل الصالح قوة، وفي إنفاق المال قوة، (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)، وبعد كل هذا الجهاد من جهاد النفس والهوى والدعوة إلى الله والتعليم والبناء يأتي الجهاد القتالي تاجاً على هذه الأنواع فتجد مجاهداً حقاً في ساحة المعركة قد انتصر على نفسه في معركة الحياة، تجده فارساً في النهار، باكياً خاشعاً في الليل بين يدي الله تعالى.
أيها الأخوة الكرام؛ من هنا كان رمضان شهر الانتصارات:

وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)
[سورة الأنفال]

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)
[سورة آل عمران]

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ)، (أَذِلَّةٌ): أي ضعاف مفتقرون إلى الله.

التولي والتخلي:
أيها الأخوة الكرام؛ المؤمن في كل لحظةٍ من لحظات حياته، في كل لحظة، في كل يوم، أمام درسين بليغين فهو إما مع أهل بدر أو مع أهل حنين، فإذا كان مع أهل بدر فهو مِمَّن يقول: يارب فيتولاه الله تعالى، وإن كان مع أهل حنين فهو مِمَّن تعجبه نفسه فيتخلى الله عنه:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25)
[سورة التوبة]

في بدر قالوا: الله، فتولاهم الله، ونصرهم وهم أَذِلَّةٌ ضعافٌ، وفي حنين قالوا: (لن نُّغلبَ اليوم من قِلَّةٍ) فولَّوا مدبرين.
الالتجاء إلى الله سبيل النجاح
وأنت أيها المؤمن في كل لحظةٍ من لحظات حياتك، أيها الطالب وأنت أمام امتحانٍ يحدد مصيرك، أيها التاجر وأنت في تجارتك، أيها المعلم وأنت في صفك، أيها المحامي وأنت في مكتبك، إما أن تقول: يا رب تبرأت من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يا ذا القوة المتين، فيتولاك الله بعنايته وبفضله وبتوفيقه، وإما أن تقول: أنا، خبرتي، أنا الطبيب الفلاني، أنا المحامي، أنا المعلم، أنا التاجر، فيتخلى الله عنك ويكلك إلى نفسك، اللَّهُمَّ لا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
أيها الأخوة الكرام؛ المسلمون في بدر استجمعوا أسباب النصر، اليوم أقرأ على بعض الصفحات الإسلامية دعوةً تقول: إن أحد القادة الفرنسيين سُئِل: الله معهم في المعركة؟ قال: الله مع من يملك المدافع الأقوى، ليس صحيحاً، هذا كلامٌ ليس صحيحاً، الله مع من ينصره بطاعته ويُعِدُّ ما يستطيع من الأسباب، فالله تعالى لا يقبل دعاءً واتكالاً بغير اتخاذٍ بالأسباب، ولا يقبل اتخاذاً بالأسباب من غير التوكل عليه، فمتى استجمعت إعداد العدة المتاحة، المتاحة لا أقول المكافئة، فربما لن يستطيع الإنسان أن يعد لعدوه ما أعده عدوه له، لكنه يستطيع أن يفعل ما بوسعه ويستطيع أن يقول: يا رب توكلت عليك، في كل شأنٍ من شؤون حياتنا لا بد من اتخاذ الأسباب ولا بد من التوكل على رب الأرباب، لا بد منهما معاً في كل لحظة من لحظات حياتنا.

دروس معركة بدر:
1 ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحقيق مبدأ الشورى:
أيها الأخوة الكرام؛

{ عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشيروا عليَّ أيها النَّاس –وإنَّما يريد الأنصار-؛ وذلك أنَّهم كانوا عدد النَّاس، وذلك أنَّهم حين بايعوه بالعقبة، قالوا: يا رسول الله، إنَّا برآء من ذمامك حتى تصل إلى دارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممنا، نمنعك ممَّا نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوَّف ألَّا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلَّا ممَّن دَهَمه بالمدينة من عدوِّه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدوٍّ من بلادهم، فلمَّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، قال له سعد بن معاذ: والله لكأنَّك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل. قال: فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السَّمع والطَّاعة، فامض يا رسول الله لما أمرك الله. فوالذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما يتخلَّف منَّا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللِّقاء، ولعلَّ الله يريك منَّا ما تقرُّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشَّطه ذلك، ثمَّ قال: سيروا على بركة الله وأبشروا، فإنَّ الله قد وعدني إحدى الطَّائفتين، والله لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم }

[أخرجه الطبري]

لم تكن شورى النبي صوريةً أبداً
في معركة بدر دروسٌ كثيرة يضيق المقام عنها ولكن نأخذ شيئاً منها؛ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحقيق مبدأ الشورى في معركة بدر وليس الشورى الصورية، بمعنى أنني أشاورك في أمرٍ لأسمع رأيك فيه ثم أنفذ ما يجول في خاطري، لم تكن شورى النبي صلى الله عليه وسلم صوريةً أبداً بل كانت فعليةً حقيقيةً، يُعلِّم الأمة من بعده أن تشاور، يُعلِّم القادة من بعده أن يشاوروا، يُعلِّم الأب في بيته أن يستشير، يُعلِّم المعلم أن يستشير، يُعلِّم كل من ولَّاه الله منصباً مهماً كان بسيطاً ولو على شخصين أن يستشير من حوله، من أجل أن يصبح القرار جماعياً فيقبله الجميع ويقبِلوا عليه بكليتهم غير مترددين، يُعلِّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الشورى يجمعهم بعد أن أفلتت عير قريش؛ عير أبي سفيان من قبضة المسلمين، يجمعهم ويستشيرهم في أمر الخروج ويقول: "أشيرُوا عَلَيَّ أيُّها النَّاسُ"، نبي الأمة المسدد بالوحي، إن كان هناك شخصٌ في الأمة يحق له ألا يستشير فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يوحى إليه، ومع ذلك يُعلِّم الأمة هذا المبدأ العظيم فيقول: "أشيرُوا عَلَيَّ أيُّها النَّاسُ" (قال له سعد بن معاذ: والله لكأنَّك تريدنا يا رسول الله؟) كأنك تريد الأنصار أن يُشيروا عليك؟، (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجل. قال: فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السَّمع والطَّاعة، فامض يا رسول الله لما أمرك الله. فوالذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما يتخلَّف منَّا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصبرٌ في الحرب، صدقٌ عند اللِّقاء، ولعلَّ الله يريك منَّا ما تقرُّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشَّطه ذلك، ثمَّ قال: سيروا على بركة الله وأبشروا، فإنَّ الله قد وعدني إحدى الطَّائفتين، والله لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم)
أخواني الكرام؛ الشورى مبدأٌ إسلاميٌّ أصيلٌ، وركنٌ ركينٌ، وفي كلِّ شأنٍ من شؤون حياتنا ينبغي أن نتبع مبدأ الشورى:

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)
[سورة آل عمران]

وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38)
[سورة الشورى]

وهذا مما تُعلمنا إياه غزوة بدر.

2 ـ الوفاء بالعهد:
أيها الأخوة الكرام؛ أيضاً من الدروس المستفادة من هذه الغزوة:

{ قال حُذَيْفةُ بن اليمان: ما مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ، فأتَيْنَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْنَاهُ الخَبَرَ، فَقالَ: انْصَرِفَا، نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عليهم }

[صحيح مسلم]

(نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ) نفي بعهد من؟ بعهد قريش التي أخرجته، وآذته، ونكلت بأصحابه، واحتلت بيوتهم، وأخذت ممتلكاتهم بعد هجرتهم، لكن لما قالوا له: قد عاهدناهم، قال لهم: لا تخرجوا للقتال،(نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عليهم) فالوفاء أيها الأخوة بالعهد أمرٌ غاية في الأهمية في ديننا، الوفاء بالعهد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان سيد الأوفياء:

{ عن عائشة أم المؤمنين: ذكَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَديجةَ، فتَناوَلتُها، فقُلتُ: عَجوزٌ! كذا وكذا، قد أبدَلَكَ اللهُ بها خَيرًا منها. قال: ما أبدَلَني اللهُ خَيرًا منها؛ لقد آمَنَتْ بي حينَ كفَرَ النَّاسُ، وأشرَكَتْني في مالِها حينَ حرَمَني النَّاسُ، ورزَقَني اللهُ وَلدَها، وحرَمَني وَلدَ غيرِها. قُلتُ: واللهِ لا أُعاتِبُكَ فيها بعدَ اليومِ }

[تخريج سير أعلام النبلاء]

كان وفياً مع زوجته خديجة التي واسته ونصرته ووقفت معه في بداية الدعوة، تقول له عائشة: خديجة خديجة أما أبدلك الله خيراً من خديجة؟ يقول: لا والله ما أبدلني الله خيراً من خديجة.
كان وفياً صلى الله عليه وسلم مع أمته من بعده، يقول:

{ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي }

[مسند أحمد]

اشتاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمَّته وفاءً:

{ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ في مَغْزًى له فأفَاءَ اللَّهُ عليه، فَقالَ لأَصْحَابِهِ: هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قالَ: هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قالَ: هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: لَا، قالَ: لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ فَطُلِبَ في القَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إلى جَنْبِ سَبْعَةٍ قدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فأتَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَوَقَفَ عليه، فَقالَ: قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ هذا مِنِّي وَأَنَا منه، هذا مِنِّي وَأَنَا منه قالَ: فَوَضَعَهُ علَى سَاعِدَيْهِ ليسَ له إلَّا سَاعِدَا النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَحُفِرَ له وَوُضِعَ في قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا }

[صحيح مسلم]

{ ....أنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، أَوْ شَابًّا، فَفَقَدَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا، أَوْ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أَفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي، قالَ: فَكَأنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، أَوْ أَمْرَهُ، فَقالَ: دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قالَ: إنَّ هذِه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً علَى أَهْلِهَا، وإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لهمْ بصَلَاتي عليهم }

[صحيح مسلم]

وفيٌّ مع صحابته، امْرَأَةٌ تَقُمُّ المَسْجِدَ توفيت فلم يشأ الصحابة أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فصلوا عليها ودفنوها فلما أصبح قالَ: "أَفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي"، لمَ لم تخبروني؟ فقام فوقف على قبرها فَصَلَّى عَلَيْهَا، وفاءً لامْرَأَةٍ سَوْدَاءَ تَقُمُّ المَسْجِدَ، هذا وفاؤه صلى الله عليه وسلم.

{ عن عَبَّاسٍ، عن أَبِيهِ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ }

[صحيح البخاري]

كان وفياً مع الجمادات، تصدقون؟! ألم يقل: (أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ).

{ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ؛ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ }

[رواه مسلم]

{ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الجِذْعُ، فَأَتَاهُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ " }

[رواه البخاري]

ألم يحن جذع النخلة إليه، الذي كان يستند عليه عندما يخطب فلما بنوا له منبراً حنَّ الجذع إليه صلى الله عليه وسلم.
كان وفياً مع كل المخلوقات، مع الجماد، مع النبات، هذه أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح البلاد بقوةٍ عسكريةٍ، بلا شك كان قائداً محنَّكاً ينظم الجيوش ويتابع، لكنه فتح الدنيا بأخلاقه وقيمه ووفائه وحبه صلى الله عليه وسلم.

3 ـ أهمية الدعاء مع الصبر والثبات:
أخواننا الكرام؛ ومن دروس غزوة بدر أن الدعاء مهمٌّ جداً،

{ عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ)، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) الأنفال/ 9 ، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ }

[رواه مسلم]

النبي الكريم واثقٌ من نصر الله عزَّ وجلَّ
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما وقف قبيل معركة بدر يناجي ربه حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه من شدة مناشدته لربه يقول: ("اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي"، حَتَّى الْتَزَمَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ) إن النبي صلى الله عليه وسلم واثقٌ من نصر الله عزَّ وجلَّ أكثر من ثقة أبي بكرٍ رضي الله عنه، وأكثر من ثقة كل إنسان على وجه البسيطة إلى يوم نلقى الله، لكنه مفتقرٌ في الوقت نفسه إلى ذل العبودية بين يدي الله تعالى ليُعلمنا أنك مهما استجمعت أسباب النصر، ومهما كانت القوة بيدك فأنت مفتقرٌ إلى وقوفٍ بين يدي الله، تقول له: يا رب، وتشعر أنه يسمعك، هكذا يُعلِّمنا صلى الله عليه وسلم، فدعا بدعاء وأخذ بالأسباب وتوكل على رب الأرباب ومع الدعاء كان هناك صبرٌ وثباتٌ.
أخواننا الكرام؛

{ عنْ أبي عبدِ اللَّهِ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ }

[رواه البخاري]

مع الدعاء لا بد من الصبر والثبات
النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (كان مُتَوَسِّداً في ظِلِّ الكَعْبَةِ) يرتاح من عناء اليوم في ظل الكعبة، في بداية الدعوة قبل الهجرة، فجاءه صحابةٌ قالوا: (يا رسول الله أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟) أصبحت حالنا صعبة ادعُ لنا؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم ما الذي فعله؟ هل رفع يديه إلى السماء وقال: يا رب انصرهم؟! هو لا شك صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك دائماً لكن في هذا الموقف وفي هذه اللحظة وعندما وجد في نفوس من جاؤوا إليه يطلبون الدعاء ضعفاً واستكانةً، احمرَّ وجهه صلى الله عليه وسلم غضباً ووقف فقال: (قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن) ينشر بالمنشار من مفرق رأسه إلى قدميه، (ما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ) هنا موطن الشاهد: (ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) لأنه وجد فيهم استعجالاً:

خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
[سورة الأنبياء]

وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11)
[سورة الإسراء]

فمع الدعاء لا بد من الصبر والثبات، أما أن يدعو الإنسان دون صبرٍ وثباتٍ فهذا الدعاء لن أقول لا قيمة له حاشا، لكن أقول لن يؤدي مراد الله تعالى منه.

4 ـ قضاء الله خيرٌ في كل ما يقضيه لنا:
أيها الأخوة الكرام؛ قضاء الله خيرٌ في كل ما يقضيه لنا:

وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)
[سورة الأنفال]

تريدون (غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ) كل إنسان لا يحب الحرب، لا تتمنوا لقاء العدو (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ) وهي الحرب (تَكُونُ لَكُمْ) لكن الله قضاؤه خير فأراد (أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) فدائماً وأبداً لنعلم أنفسنا أن قضاء الله عزَّ وجلَّ خيرٌ لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزِنُوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسیَتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكیّس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، استغفروا الله.

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمین، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحین، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّیْتَ عَلَى إِبْرَاهِیمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِیمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِیمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِیمَ فِي الْعَالَمِینَ إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ.

صندوق الزكاة صندوق مهم لرعاية المساكين والفقراء:
أخواننا الكرام؛ نجمع التبرعات اليوم إن شاء الله حسب ما تفضلت وزارة الأوقاف مشكورةً لصندوق الزكاة.
صندوق الزكاة أخواننا الكرام؛ طبعاً لرعاية المساكين والفقراء في هذا البلد الطيب لإغنائهم عن حاجة السؤال لاسيما في هذه الأيام المباركة الطيبة، فإن شاء الله في محراب المسجد كما تفضل إمامنا جزاه الله خيراً نجمع التبرعات لصندوق الزكاة ونسلمها أصولاً إن شاء الله إلى الجهات المعنية التي تقوم بإنفاقها في مصالح الخير.

الدعاء:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سمیعٌ قریبٌ مجیبٌ للدعوات، اللهم برحمتك عمَّنا، واكفنا اللهم شر ما أهمنا وأغمنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، اللهم إنَّ نسألك حسن الخاتمة واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصرنا على أنفسنا وعلى شهواتنا حتى ننتصر لك فتنصرنا على أعدائنا، اللهم بفضلك ورحمتك اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، فرج عن المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، كن لإخواننا في فلسطين وفي القدس عوناً ومعيناً، حافظاً وناصراً، مؤيداً وأميناً، أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، اللهم كن لإخواننا في الشام وفي العراق وفي كل مكان، اللهم أطعم جائعهم، واكسُ عريانهم، وارحم مصابهم، وآوِ غريبهم، واجعل لنا في ذلك عملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين، وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد.