ثلاث شخصيات

  • خطبة جمعة
  • 2025-09-05
  • سورية - دمشق
  • مسجد عبد الغني النابلسي

ثلاث شخصيات

يا ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنى كل فقير، وعزّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومَفزَع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك، وكيف نضل في هُداك، وكيف نذل في عزك، وكيف نُضام في سلطانك، وكيف نخشى غيرك، والأمر كله إليك، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلته رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومن وحول الشهوات إلى جنَّات القربات، فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبياً عن أمته.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذريِّة سيدنا محمدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً.

أي إنسان له شخصياتٌ ثلاث:
وبعد أيُّها الإخوة الكرام: فإنَّ الإنسان، أي إنسان له شخصياتٌ ثلاث، شخصيةٌ يكونها، وشخصيةٌ يكره أن يكونها، وشخصيةٌ يرجو أن يكونها.

الشخصية التي يكونها:
أمّا الشخصية التي يكونها فهي أنا وأنت، على ما فينا من إيجابياتٍ وسلبيات، من خيرٍ وشر، من قوةٍ وضعف، وكلٌّ منّا يعرف شخصيته ويجب أن يُراجع ويُحاسِب نفسه دائماً، فإذا سألتك مثلاً: مَن أنت؟ ما الشخصية التي أنت عليها؟ ماذا تُحب في شخصيتك؟ لعلَّ قائلاً يقول لي: أُحب أنني لا تفوتني صلاة الفجر في جماعة، أُحب أنني لا أكذب ولا أغش الناس، فإذا سألته وما السلبيات؟ ربما قال لي في شخصيتي سلبيةٌ أنني شديد الغضب، أُستفَزُّ وأُستثارُ بسرعةٍ، ثم أندم على ما كان منّي، هذه الشخصية هي أنت وأنا بما نحن عليه، من إيجابياتٍ يجب أن نُنمّيها ونُقوّيها، وسلبياتٍ علينا أن نسعى لتجاوزها، وهذه ما تُسمّى المُراجعات، أن يُراجع الإنسان نفسه دائماً، فيُنمّي جوانب الخير ويتلافى مواضع القصور في شخصيته.

الشخصية التي يكره الإنسان أن يكونها:
وأمّا الشخصية التي يكره الإنسان أن يكونها، فلكلٍ شخصيةٌ يكره أن يكونها، فلو سألتك الآن أو قلت لك اسم هذا النتِن الذي يعيثُ في أرض فلسطين فساداً، لاستُفِزَّت مشاعرك وقلت لي: دعني من هذا الاسم، فأنا أكره هذه الشخصية، التي تريد أن تبني أمجادها على أنقاض أهل غزَّة.
ولو ذكرت لك شخصيةً من الشخصيات المُجرمة في النظام البائد، لقلت لي: إنني أكره هذا الشخص، أكره نمطه في الحياة، أكره إجرامه وبطشه، أكره مصلحيته، أكره ما فعله، هذه شخصيةٌ نكره أن نكونها، تقول لي: أكره المُنافق الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ وهؤلاء بوجه، أكره الخائن، أكره الكاذب، ولربما يأتي غيرك ممن ليسوا من روَّاد المساجد فيقول عن منافقٍ ثبَتَ نفاقه، أُحبه، أُحب لباقته، أُحب قدرته، دبلوماسيته، فالذي تكرهه أنت قد يُحبُّه غيرك، هذه طبيعة النفس.

الشخصية التي نرجو أن نكونها:
أمّا الشخصية التي نرجو أن نكونها، فهي الأُسوة وهي القدوة، فلكلٍ منّا طموحه، فهو يريد أن يكون شخصيةً ما، يسعى للوصول إليها، ربما يترنم بذكرها، ربما يصف ما بها مما يجده خيراً، ربما يسعى جهده ويُربّي أولاده ليكونوا مثلها، هذه الشخصية التي نرجو أن نكونها، يُعبَّر عنها بالمَثَل الأعلى، بالقدوة، بالطموح، وعبَّر عنها القرآن الكريم بالأُسوة، أن يتأسّى الإنسان برجُلٍ ما، أن تتأسّى المرأةُ بصحابيةٍ ما، هذه هي الأُسوة.

ثورة التواصل الاجتماعي اليوم أنتجت أُسوات وقدوات لأجيالنا لا تمتُّ لديننا بصِلة:
واليوم أيُّها الكرام: مع ثورة التواصل الاجتماعي، الذي يُسمّى زوراً تواصلاً، وهو في الحقيقة تقاطع، مع هذه الثورة أنتجت أُسوات وقدوات لأجيالنا وأبنائنا، لا تمتُّ لديننا بصِلة، بل لا تمتُّ إلى القيَم بصِلة، بل لا تمتُّ إلى العِلم والمعرفة بصِلة، فاليوم قد تسأل شاباً صغيراً، ما حلمك أن تكون في المستقبل؟ يقول لكَ: كالرياضي لاعب الرياضة فلان، وفلان ما الذي صنعه؟ أدخل في تاريخه الكُروي مئةُ هدف، أو أكثر أو أقل، فيتأسّى به ويتحرك بحركاته، ويلبس ثياباً يضع صورته عليها، يتأسّى به، فلكل إنسانٍ شخصيةٌ يرجو أن يكونها، ولا أُبالغ إن قلت: قُل لي ما الشخصية التي ترجو أن تكونها؟ أقُل لك من أنت، فأنت شخصيتك التي تريد أن تكونها هي في الحقيقة أنت، لأنك تسعى إليها، لعلك لا تبلُغها، لكن سعيُك لها جعلك وإيّاها شيئاً واحداً.
مرةً أيُّها الكرام كنت في هذا المسجد، وجاء رجُلٌ من الأثرياء بابنه الصغير، قال لي: هذا الطفل أريد أن أُعلِّمه اللغة العربية، لأنه في مدرسةٍ أجنبية لا يُعلِّمونه العربية، آثر والده أن يضعه في مدرسةٍ أجنبية تُعطيه اللغة الإنكليزية بطلاقة، لكنه لم يُعلِّمه اللغة ولا القرآن.
جلس الطفل فأحببت أن أتقرَّب إليه ليُحبَّ المسجد وأهل المسجد، قلت له: ما اسمك؟ قال لي: اسمي أُمَر، قلت له: عُمر في اللغة العربية عندنا حرف اسمه العين، نقول: عُمر، قال: أُمَر، حاولت أن يلفظ العين فما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فقلت دعه وشأنه، قلت له: أتدري لماذا سمّاكَ والدك عُمر؟ كم يُحبُّك والدك سمَّاكَ هذا الاسم العظيم، أتدري مَن عُمر؟ قال لي: نعم أدري، قلت له: تفضَّل، فذكر لي اسم فنانٍ من الفنانين لا أُريد أن أُعكِّر المِنبر بذكر اسمه، اسمه الأول عُمر، فالشخصية التي يريد الإنسان أن يكونها تبني شخصيته هو.
أيُّها الإخوة الكرام يقول تعالى:

لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)
(سورة الأحزاب)


من الذي يكون له في رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ حسنة؟
من الذي يكون له في رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ حسنة؟ ذلك الذي يُحبُّ الله تعالى، ويرجو الله، ويرجو لقاء الله، ويرجو اليوم الآخِر، أمّا الذين يرجون الدنيا، ويرجون لقاء ملوك الدنيا وأهل الدنيا، فلن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةً لهم، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصل إلى الله، يوصل إلى الجنَّة، أمّا من يعيش الدنيا فحسب، فلن يكون له في رسول الله أسوةٌ حسنة.
انظروا إلى التعبير القرآني العظيم، قال: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) فمن يداوم على الصِلة بالله، يُحبُّ الله، يرجو لقاء الله، يرجو جنَّة الله، لن يُسعده ولن يطمح إلا أن يكون قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حتى تتحقَّق الأُسوة برسول الله هناك أمران مهمان:
أيُّها الإخوة الكرام: وحتى تتحقَّق الأُسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، كان هناك أمران مهمان:
الأول أنه بشَر: فلو كان مَلكَاً صلى الله عليه وسلم من ملائكة السماء، لما استطعنا أن نقتدي به، ولقال قائلٌ: كيف أتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هو مَلَكٌ لا يغضب، لا يشتهي، لا يُحبُّ النساء، لا يُحبُّ المال، أمّا نحن بشَر، قال تعالى:

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110)
(سورة الكهف)

يقول صلى الله عليه وسلم:

{ يا أُمَّ سُلَيْمٍ! أَمَا تَعْلَمِينَ إني اشتَرَطْتُ على ربي فقلتُ: إنما أنا بَشَرٌ أَرْضَى كما يَرْضَى البَشَرُ، وأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ، فأَيُّما أحدٍ دَعَوْتُ عليه من أُمَّتِي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ أن تَجْعَلَها له طَهورًا، وزكاةً وقُرْبَةً تُقَرِّبُه بها منكَ يومَ القيامةِ }

(أخرجه مسلم)

لأنه بشَر وانتصر على بشريته كان سيد البشَر، فصحَّ الاقتداء به، هذا الأمر الأول في التأسي به.
الأمر الثاني وهو مهمٌ جداً: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف معظم البشَر، مرَّ عليه في حياته من صنوف الابتلاءات ما لم يمرّ على بشَر، حتى إذا كنت في أي موقفٍ، وجدت لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةً حسنة، قُل لي: أنا غنيٌ عندي مال، أقول لكَ: لكَ في رسول الله أُسوةٌ حسنة، فقد كان غنياً صلى الله عليه وسلم، قُل لي: أنا فقير، أقول لكَ: لكَ في رسول الله أُسوةٌ حسنة فقد مرَّ بمرحلةٍ فيها فقرٌ صلى الله عليه وسلم، قُل لي: أنا قوي، أنا ضعيف، ستجد في سيرة رسول الله أسوةً حسنة، وقد سمّيتُ هذا الأمر مجازاً "الإعجاز في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، لن تجد بشراً في ثلاثٍ وستين سنة في حياته الكاملة، وفي ثلاثٍ وعشرين سنة بعد البعثة، وهي المُخصَّصة تحديداً للتأسي به، لن تجد بشراً مرَّ عليه من صنوف المواقف الحياتية، كما مرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتجد لك أُسوةً في كل شيءٍ يمرُّ بك.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ لنا في الغنى والفقر:
أيُّها الإخوة الكرام: النبي صلى الله عليه وسلم ذاق مرارة الفقر، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ لقد أُخِفتُ في اللَّهِ وما يُخافُ أحدٌ، ولقد أوذيتُ في اللَّهِ وما يُؤذى أحدٌ، ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ }

(أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه)

رضي الله عن بلال، هنيئاً لك يا بلال، أن يذكُره رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه أنه عانى الجوع معه، وبعد ذلك لا بأس عليه، فإذا كان يُعاني الجوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أحلى الجوع (ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ) كسرة خُبزٍ يضعها بلال تحت إبطه، يأكلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل مرَّ أحدٌ بموقفٍ كموقف رسول الله في الفقر؟ لك فيه أسوةٌ حسنة.
وبالمناسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر، ولم يعش حياته كلها فقيراً كما يقول البعض، ولا دعا إلى الفقر، لكن لو أنَّه اضطرَّ أن لا يجد شيئاً فلنا فيه أُسوةٌ حسنة، ثم فتح الله الفتوحات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءه من المال ما جاءه، فكيف يتأسى الأغنياء به؟

{ ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ، قالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فأعْطَاهُ غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلى قَوْمِهِ، فَقالَ: يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ }

(صحيح مسلم)

(الفَاقَةَ) أي الفقر، فالغني له في رسول الله أُسوةٌ حسنة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ لنا في الضعف:
في الضعف، في الطائف، يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن ذهب إلى الطائف، ودعا أهلها إلى الإسلام، فما كان منهم إلا أن أغروا به صبيانهم وسُفهاءهم، فرموه بالحجارة حتى دميت قدمه الشريفة صلى الله عليه وسلم، يقول واصفاً حاله:

{ يَا رَسولَ اللهِ، هلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ فَقالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ وَكانَ أَشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يَالِيلَ بنِ عبدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ علَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا بقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بسَحَابَةٍ قدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَما ردُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، قالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بأَمْرِكَ، فَما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا. }

(صحيح مسلم)

كم هو عزيزٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ربِّه؟! يُرسِل له المَلَك ليأمره بما يشاء ليُنفِّذ، قال: (إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ) الأخشبان جبلان، وتنتهي الطائف إلى غير رجعة، مكَّنه الله وهو في قمة ضعفه من الانتقام منهم، وبأمر الله وبواسطة مَلَك الجبال، مكَّنه الله منهم، فماذا قال صلى الله عليه وسلم؟ قال: (بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا) وهذا ما كان، فإذا ذهبت إلى الطائف اليوم سمعت الأذان، والتقيت بالمسلمين المُصلّين، الصائمين، العابدين لله تعالى، يوحدونه ولا يشركون به شيئاً، مكَّنه من الانتقام وهو في ضعفه فكان هذا موقفه، فكل ضعيفٍ له في رسول الله أُسوةٌ حسنة، لا تقُل أوذيت، مَن أنت أمام رسول الله؟ قد أوذي رسول الله أكثر منك (ولقد أوذيتُ في اللَّهِ وما يُؤذى أحدٌ).
وفي الضعف أيضاً في معركة أُحُد، كُسرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم، أي أسنانه، وجُرح وجهه، وهُشِّمت بيضته أي الخوذة التي يضعها على رأسه، ثم يقول بعد ذلك:

{ كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ }

(أخرجه البخاري ومسلم)

قومه ما تخلّى عنهم، ما قال اللهم اغفر لهؤلاء، بل قال: لقومي (اغْفِرْ لِقَوْمِي فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) اعتذر عنهم.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ لنا في القوة:
أمّا في القوة: فيوم فتح مكَّة رجع إلى مكَّة التي أخرجته، وآذته، ونكَّلت بأصحابه، ولم تترك شأناً من الشؤون التي تنال منه إلا وفعلته، رجع إليها بعزة المُنتصر، الفاتح، فكيف دخل صلى الله عليه وسلم وهو في قمة القوة؟ دخل مُطأطئ الرأس، حتى إنَّ لحيته مسَّت وسط رحله من شدة تواضعه لله تعالى، ثم جعل يقول:

{ مَن دخل دارَ أبي سفيانَ فهو آمِنٌ، ومَن دخل المسجدَ فهو آمنٌ، ومَن أغلق بابَه فهو آمِنٌ. }

(أخرجه أبو داوود والبيهقي)

هذا في ضعفه وذاك في قوته، فيتأسى به الضعيف، ويتأسى به القوي.
ذاقَ فَقدْ الولد بأبي هو وأمي، فمن فقدَ حبيباً، أو قريباً، أو ولداً، أو شيئاً يُحبُّه، فله في رسول الله أُسوةٌ حسنة.

{ دَخَلْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وكانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ، فأخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عليه بَعْدَ ذلكَ وإبْرَاهِيمُ يَجُودُ بنَفْسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَذْرِفَانِ ، فَقالَ له عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: وأَنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ }

(أخرجه البخاري ومسلم)

شاء الله تعالى أن تنكسف الشمس عند وفاة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم في حزنه والناس يقولون: إنما كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فماذا فعل صلى الله عليه وسلم؟ ارتقى المِنبر وهو في حزنه وقال:

{ إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللَّهِ لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ }

(صحيح البخاري)

يوم الأحد القادم هناك خسوفٌ كُليٌّ للقمر في بلدنا، وهذه سُنَّةٌ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، أن نُصلّي، وستُفتح المساجد لهذا الأمر إن شاء الله، صلاة الخسوف، وأن ندعو الله، وأن نتأمل هذه الآية العظيمة بدل الخُزعبلات، أنَّ الشمس انخسفت لموت شخصٍ أو لحياة شخص، بأبي هو وأمي لم يستغل الفرصة، حاشاه أن يستغلها فيقول للناس: انظروا ها هي الشمس قد كُسِفَت لموت ابني، فاعلموا مقامي واعلموا قدري، لا، معاذ الله أن يفعلها حاشاه.
اليوم هناك دُعاةٌ يتصدَّرون المجالس، يُمضي نصف ساعة، درس كامل يروي للناس خوارقه، وكيف طار، وكيف مشى على الماء، وكيف نزل، نحن لا نُنكِر الكرامات، ولكن كأن الدين قد أصبح عبارة عن حركاتٍ بهلوانية، يريد أن يجذب الناس إلى الدرس، وإلى عظمة الشيخ من خلال خوارق العادات، النبي صلى الله عليه وسلم يُصحِّح البوصلة بأبي هو وأمي، ينهض ويقول: (لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ) هذه آيةٌ كونية، فإذا رأيتم ذلك فصلّوا وادعوا حتى يكشف الله ما بكم.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ للإنسان الذي مُسَّ في سُمعته:
تكلَّم الناس في عِرض زوجته، هل جرَّبها أحد؟ أبعد الله عنكم وعنّا كل مكروه، أصعب شيء السُمعة، الزوج يسمع كلام الناس في المدينة، يتحدثون عن عِرض أُمنا الطاهرة المُبرأة عائشة رضي الله عنها، ولعن كل من يُبغضُها، يسمع الكلام وهو يدخل مهموماً إلى البيت، فماذا فعل؟ هل هاجم زوجته؟ ما الذي فعله صلى الله عليه وسلم؟ بقي ينتظر الحقيقة، ثم يدخل على زوجته واسمعوا إلى هذا الكلام يقول:

{ إنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، قُلتُ: إنِّي واللَّهِ لا أجِدُ مَثَلًا، إلَّا أبا يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعانُ علَى ما تَصِفُونَ}، وأَنْزَلَ اللَّهُ: {إنَّ الَّذِينَ جاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآياتِ. }

(صحيح البخاري)

انظر إلى لطف العبارة: (وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ) ثم أنزل الله:

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ(11)
(سورة النور)

ذاقَ هذا الأمر العظيم فوقف منه الموقف الأكمل، فإذا مُسَّ الإنسان في سمعته أو عِرضه، أسأل الله أن يصرف عنّا كل ذلك، فله في رسول الله أُسوةٌ حسنة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ لأهل غزَّة:
الحصار: حوصِر أشد من السجن، ثلاث سنوات حصار، حاصرت قريشٌ النبي صلى الله عليه وسلم، ومنعت عنهم الطعام والشراب وكل ما يحتاجونه، وعظُم الأمر واشتدَّ حتى أكلوا ورق الشجر، وكان صياح الصبيان يُسمَع من وراء الشِعب، حتى قام رجُلٌ يُدعى زهير بن أُمية المخزومي، فجمع بعض الناس ووقف وقال: "يا أهل مكَّة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يُباع ولا يُبتاع منهم، والله لا أقعُد حتى تُشق هذه الصحيفة الظالمة".
هل مَن يقوم اليوم ممَن بيدهم الأمر ليقول: أنأكل الطعام ونلبس الثياب وأهل غزَّة مُحاصرون، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يبيعون ولا يُبتاعون منهم، والله لا نقعُد حتى نفتح لهم ونوصل لهم الطعام والشراب!! هذا جاهليٌ مُشرِك، زهير بن أُمية المخزومي مُشرِكٌ فهل من المسلمين اليوم من يفعلها؟! ممَن يملكون القرار، ممَن يستطيعون أن يفعلوا، والله سيقفون جميعاً بين يدي الله تعالى، كل من كان قادراً ويترك صياح الصبية يخرُج، لا من خلف الشِعب ولكن من خلف الشاشات، ولا يفعل شيئاً، بل يتآمرون وينتظرون هلاك هؤلاء المقاومين وحالهم:

وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ(82)
(سورة الأعراف)

لأهل غزَّة في رسول الله أُسوةٌ حسنة.
عاش النبي صلى الله عليه وسلم حلاوة الأصحاب الكرام، فأسرَّ إلى أبي بكرٍ يوماً يقول له:

{ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له: لا تعجل لعلّ الله يجعل لك صاحباً، فلما أذن الله عز وجل لنبيه بالهجرة قدم على أبي بكر يخبره بالأمر فقال له أبو بكر: الصُحبة يا رسول الله، فقال له: الصُحبة، تقول سيدتنا عائشة رضي الله عنها: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذٍ }

(رواه البخاري)


كلما مرَّ بك موقفٌ تذكَّر أنَّ لك في رسول الله أسوةً حسنة:
ذاقَ حلاوة الصحب فكان خير صاحب، ذاقَ حلاوة الزوجة الصالحة المؤمنة فكان خير وفيٍّ لها:

{ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ذبَح الشَّاةَ يقولُ: اذهَبوا بذي إلى أصدقاءِ خديجةَ، قالت: فأغضَبْتُه يومًا، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي رُزِقْتُ حُبَّها }

(أخرجه مسلم وابن حبان)

{ عن عائشة رضي الله عنها، كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ذكَرَ خَديجةَ أَثْنى عليها، فأحسَنَ الثناءَ، قالت: فغِرْتُ يومًا، فقُلْتُ: ما أكثرَ ما تذكُرُها حَمراءَ الشِّدْقِ، قد أبدَلَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها خَيرًا منها، قال: ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ }

(أخرجه البخاري)

وعاش عداوة الكافرين والمنافقين الذين لم يتركوا طريقاً للنَيل منه إلا فعلوه، عاش الحرب والسِلم، الأمن والخوف، السلامة والأذى، عاش حُب المُحبين وبُغض المُبغضين، عاش الغِنى والفقر، الابتلاء والتمكين، القوة والضعف، حياة الزوجة وفَقدْ الزوجة، الأولاد وفقدهم، غيرة الزوجات ووفاء الزوجات، بأبي هو وأمي، عاش في حياته المواقف كلها، فكلما مرَّ بك موقفٌ، تذكَّر أنَّ لك في رسول الله أسوةً حسنة، فإن كنت في خيرٍ، وجدت في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تُكافئ هذا الخير، وإن كنت في غير ذلك، وجدت في سُنَّة رسول الله وسيرته، كيف تصبر على هذا الأمر وكيف تتعامل معه.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِمَا بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، واستغفروا الله.
الحمد لله ربِّ العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

الدعاء:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيبٌ للدعوات.
اللهم برحمتك عُمَّنا، واكفنا اللهم شرَّ ما أهمنا وأغمَّنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسُنَّة توفَّنا، نلقاك وأنت راضٍ عنّا، لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنّا من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين.
وارزقنا اللهم حُسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنّا، أنت حسبنا عليك اتكالنا.
يا ربّي قد عمَّ الفساد فنجِّنا، قلَّت حيلةٌ فتولَّنا، ارفع مقتك وغضبك عنّا، لا تُعاملنا بما فعل السُفهاء منّا.
اللهم أهلنا في غزَّة، كُن لهم عوناً ومُعيناً، وناصراً وحافظاً ومؤيداً وأميناً.
اللهم أطعِم جائعهم، واكسُ عريانهم، وارحم مُصابهم، وآوِ غريبهم، واجعل لنا في ذلك عملاً مُتقبَّلاً يا أرحم الراحمين، واغفر لنا تقصيرنا معهم فإنك أعلم بحالنا.
اللهم مُجري السحاب، مُنزِل الكتاب، هازِم الأحزاب، سريع الحساب، اهزِم الصهاينة المُعتدين ومَن والاهم ومَن أيَّدَهم ومن وقف معهم في سرٍّ أو علن.
اللهم يا أكرم الأكرمين كُن لأهل غزَّة عوناً ومعيناً، وناصراً وحافظاً ومؤيداً وأميناً، أنزِل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء.
اللهم أنت أعلم بحالهم وبحالنا، فكُن لنا ولهم يا أرحم الراحمين.
اللهم انصُرنا على أنفسنا وعلى شهواتنا، حتى ننتصر لك فنستحق نصراً على أعدائنا.
اللهم اجعل هذه البلاد أمناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، ووفِّق القائمين عليها للعمل بكتابك وبسُنَّة نبيّك صلى الله عليه وسلم، وأبرِم لهذه الأُمة أمر رُشدٍ، يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل عصيانك، ويؤمَر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، أقول ما تسمعون وأستغفر الله، والحمد لله ربّ العالمين.