• الحلقة الثالثة عشرة
  • 2022-04-14

الاستبشار

السلام عليكم.

أصل الاستبشار:
أصل الاستبشار إظهار السُّرور
هل تشعر بالاستبشار؟ أصل الاستبشار إظهار السُّرور، وسُمِّي استبشاراً لأن أثره يظهر على بشرة الوجه، فمن استبشر سُرَّ واستنار وجهه، وعَرَف الناس أنه مستبشرٌ بشيءٍ يَسُرُّه، ويُدخِل السعادة على قلبه.
بعض الناس يستبشرون بنجاح صفقةٍ تجارية، وهذا لا بأس به، والمؤمن يستبشر بنجاح تجارته لأنه يُنفِق ما يعود عليه من أرباح تجارته في الخيرات، ويدفع زكاة ماله، ويُنفِق على أهله وعياله، وفي مصالح المسلمين، فيستبشر خيراً بتجارته وهذا لا بأس به.
بعض الناس يستبشرون بمولودٍ أتاهم، والله تعالى سَمَّى المولود في القرآن الكريم بِشَارة، قال تعالى:

فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)
[ سورة الصافات ]

فالأولاد هم البُشرى، فيستبشر الإنسان بمُولودٍ أتاه ذكراً كان أو أنثى.
منهم من يستبشر بشهادةٍ نالها، شهادة في العلوم الدنيوية أو غير ذلك فيستبشر، وطعم النجاح جميل، ويبعث على البِشارة.

أعظم أنواع الاستبشار:
أعظم أنواع الاستبشار ما يكون بعد لقاء الله
إلا أن أعظم أنواع الاستبشار ما يكون بعد لقاء الله، فكل بِشارةٍ في الدنيا مهما عَظُمَت زائلةٌ إلا ما بقي لله تعالى، وإلا ما كان منها خالصاً لوجه الكريم جلَّ جلاله.
أما بعد لقاء الله فالأمر مختلف، فكل ما في الدنيا من بِشاراتٍ لا يعدُل نقطة في بحر الاستبشار بفضل الله تعالى ورحمته.
الشهداء مثلاً يستبشرون لمَّا يرون ما أعدَّ الله تعالى لهم من عظيم فضله، قال تعالى:

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)
[ سورة آل عمران ]

قال أهل التفسير: هؤلاء الشهداء يوم يرون ما أعدَّ الله لهم من عظيم نِعَمِه وفضله وخيره، يقولون: إخواننا يُقتَلون كما قُتِلنا في سبيل الله، ثم يلحقون بنا فيصيبهم من كرامة الله تعالى ما أصابنا، (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
صفقةٌ تجاريةٌ عظيمةُ الربح، ليس ربحاً 15 % ولا 20% ولا 70% ولا 100%، ربحٌ أعظم من ذلك بكثير، ذكر الله هذه الصفقة وبِشارة المؤمنين بها فقال:

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)
[ سورة التوبة ]

العظيم جلَّ جلاله يقول لك: (وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فما عسى هذا الفوز أن يكون والعظيم يصفُه بأنه عظيم؟ إنها تجارةٌ رابحة، وصفقة خَيِّرة، وبيعٌ عظيم أن يُقِدِّم الإنسان نفسه وماله في سيبل الله تعالى.
ثم إن أعظم استبشارٍ ما كان بفضل الله تعالى ورحمته، قال تعالى:

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
[ سورة آل عمران ]

أعظم ما تستبشر به نعمة الله عليك وفضله السَّابِغ الذي غمرك به فهذه بِشارةٌ عظيمةٌ لا تَعدِلُها بِشارة، بل إن المُرسلين والأنبياء والرُّسل جاؤوا جميعاً مُبَشِّرين ومُنذرين، فهدف رسالتهم التَّبشير والإنذار، يُبَشِّرونك بنعمة الله وفضله، وينذرونك مما يلقاه الإنسان في حال لم يُطِع الله تعالى:

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)
[ سورة الزمر ]

إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.