ثلاثة أسئلة كبرى يسألها الإنسان لنفسه

  • محاضرة في الأردن
  • 2022-09-05
  • عمان
  • الأردن

ثلاثة أسئلة كبرى يسألها الإنسان لنفسه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. وبعد:


الأسئلة الكبرى التي يجب على الإنسان أن يسألها لنفسه:
أيها الإخوة الأحباب، هناك أسئلة كبرى يجب على الإنسان بين الحين والآخر أن يسألها لنفسه.
1. السؤال الأول: من أنا؟
2. السؤال الثاني: لماذا؟
3. السؤال الثالث: إلى أين؟
يسميها العلماء أسئلة كبرى، حتى بالثقافات الغربية، من؟ لماذا؟ إلى أين؟ يعرف ماهيته، ولماذا هو هنا؟ وإلى أين المصير؟ فهذه الأسئلة من صلب عقيدتنا، لأن الإنسان إذا عرف نفسه، وعرف هدفه، وعرف مصيره، كانت حركته في الحياة صحيحة، لكن إذا جهل حقيقة نفسه، أو جهل حقيقة مهمته، أو جهل مصيره، فهذا مما يوقعه في شهوات كثيرة وشُبُهات كثيرة.

السؤال الأول: من أنا؟
فالسؤال الأول: من أنا؟ الإنسان هو المخلوق الأول عند الله تعالى في الرتبة، ليس الأول في الخلق، في الزمن، بل في الرتبة، له رتبة عالية عند الله، قال تعالى:

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)
(سورة الإسراء)

فالإنسان ابتداء هو المخلوق المُكرّم عند الله تعالى، ولأنه مكرم عند الله تعالى، فمن مظاهر تكريمه أن الله تعالى سخّر له مافي السماوات وما في الأرض جميعاً منه، قال تعالى:

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
(سورة الجاثية)

وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)
(سورة النحل)

كل ما في الكون مُسخر لهذا الإنسان
كل ما في الكون مُسخر لهذا الإنسان، فبربكم هل المسخَّر له أعظم عند الله أم المسخَّرات أعظم؟ أنا اليوم أجلس على هذا الكرسي، أنا مسخر للكرسي أم الكرسي مسخر لي؟ الكرسي مسخَّر لي، هل أنا أكرم على الله من الكرسي أم الكرسي أكرم؟ أنا أكرم على الله تعالى من الكرسي، إذ سخره من أجلي، الإنسان عندما يذبح خروفاً ليأكل لحمه، إذاً الخروف مسخر له، فهو أكرم على الله من الخروف، ومن كل المخلوقات طبعاً، الإنسان أكرم عند الله من كل المخلوقات لأنه جعل كل المخلوقات في خدمته.
إذاً: إذا كان الله عز وجل قد سخر بعض النباتات لبعض الحيوانات، بعض الحيوانات لبعضها الآخر، آكلات اللحوم وآكلات الأعشاب، سخّر الجمادات لبعض الكائنات...إلخ، لكن كل ما هو تحت الإنسان مسخر له، معناها هو الأعظم عند الله عز وجل لأن كل مافي الكون مسخر من أجله، فلمن يجب أن يكون الإنسان؟ لله وحده، فإذا كان للمادة كما هم الماديون فقد ظلم نفسه، لذلك الله تعالى يقول في القرآن:

وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)
(سورة النحل)

عندما حرم نفسه من أن يكون لله ظلم نفسه قبل أن يظلم الآخرين، هو ظلم نفسه لأن الله جعله له فكان لغيره، قال تعالى مخاطباً نبيه موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام:

وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
(سورة طه)

كل مؤمن له من هذه الآية نصيب، أن يكون لله، أن يصطنعه الله له:

قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)
(سورة الأنعام)

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
(سورة البقرة)

نحن مُلكٌ لله
إنا لله، نحن مُلكٌ لله، فالإنسان عندما يكون ملكاً لخالقه يتأدب في حضرة خالقه، لا يظلم مخلوقات الله، لا يعيث في الأرض فساداً، هو خالص لله تعالى، إذاً:( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) والمُسخَّر له أعظم عند الله تعالى من المُسخَّرات، في الوقت نفسه المؤمن لا يخوض حرباً مع المخلوقات الأخرى، ليس في قاموسه: غزونا الفضاء! لماذا غزونا الفضاء، القصة لا تحتاج إلى غزوة، الموضوع لا يحتاج إلى غزو الفضاء، القضية أيسر من ذلك بكثير، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع الكون بمنطلق إيماني بحت:

{ إن أُحُداً جبل يحبنا ونحبه }

(مسلم عن أبي هريرة)

انظر للتعامل مع المخلوقات: (إن أُحُداً جبل يحبنا ونحبه).

{ أردفَني رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، ذاتَ يومٍ خَلفَهُ ، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أُخبِرُ بِهِ أحدًا أبدًا وَكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أحبُّ ما استترَ بِهِ في حاجتِهِ هدَفٌ ، أو حائشُ نَخلٍ ، فدخَلَ يومَ حائِطًا مِن حيطانِ الأَنصارِ ، فإذا جَملٌ قدِ أتاهُ فجَرجرَ ، وذَرِفَت عيناهُ - قالَ بَهْزٌ ، وعفَّانُ : فلمَّا رَأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حَنَّ وذرِفَت عيناهُ - فمَسحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سراتَهُ وذِفراهُ ، فسَكَنَ ، فقالَ : مَن صاحبُ الجمَلِ ؟ فجاءَ فتًى منَ الأَنصارِ ، فقالَ: هوَ لي يا رسولَ اللَّهِ ، فقالَ : أما تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَها اللَّهُ ، إنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تجيعُهُ وتدئبُهُ. }

(أبو داود عن عبد الله بن جعفر)

{ كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها . ورأى قريةَ نملٍ قد حرقناها، فقال : من حرقَ هذه ؟ قلنا : نحن، قال : إنه لا ينبغي أن يعذِّبَ بالنارِ إلا ربُّ النارِ. }

(أبو داود عن عبد الله بن مسعود)

يتعامل المؤمن مع الكون بمنطلق أن هذه المخلوقات سخّرها الله تعالى من أجله، فهو ليس في حرب معها، هو ليس في حرب مع الكون وحتى مع الجمادات، هو في حالة اصطلاح مع ذاته ومع ربه ومع الكون من حوله، لأنه فهم حقيقة ذاته، وفهم أن هذه المخلوقات مسخرة من قبل الله تعالى له، فتعامل معها من هذا المنطلق.
الآن عندما يكون كلُّ ما في الكون مسخراً من أجلي، أنا الإنسان، ثم لا أقوم بالمهمة التي وُكّلت بها تصبح المسخرات أكرم عند الله تعالى مني، أنا أجلس على الكرسي، الكرسي مسخر لي، أنا أكرم على الله من الكرسي، متى أكون أكرم على الله من الكرسي؟ حينما أؤدي مهمتي، لكن إذا لم أؤدِّ مهمتي التي خلقت من أجلها وأصبحت أعيث في الأرض فساداً فالكرسي أكرم عند الله مني لأنه قام بمهمته وأنا لم أقم بمهمتي، عندما أذبح الخروف، الخروف استسلم بين يدي، ذلّله الله لي فاستسلم بين يدي، وأطعمني لحماً طيباً حلالاً، والبقرة حلبت لي، قال تعالى:

وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)
(سورة النحل)

لك الأنعام، فهي قامت بمهمتها، فإن لم يقم الإنسان بمهمته إذاً هي أكرم منه عند الله، قال تعالى:

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)
(سورة الفرقان)

الإنسان المكلف أمامه خياران
(إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بل) بل: حرف إضراب: يعني سآتيك ما بعد بل بالكلام الفصل (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) أضل من الناقة التي يركبها، سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا أبو بكر الصديق، لما قال أحد الجالسين لسيدنا عمر بن الخطاب: ما رأينا خيراً منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنت أفضل إنسان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحدّ النظر إليهم، غضب سيدنا عمر وأحدّ النظر فيهم، حتى قام أحدهم قال: لا والله قد رأينا من هو خير منه، قال: من هو؟ قال: أبو بكر، قال: صدقت. يعني لا نريد النفاق تقول لي: خيراً منك، لا يوجد خير مني! ثم قال وهنا موطن الشاهد: والله كنت أضلَّ من بعيري، وكان أبو بكر أطيب من ريح المسك، أين كنت أنا عندما كان أبو بكر؟ كنت أضل من بعيري، فهم المعادلة سيدنا عمر، كنت أضل من بعيري ، لماذا؟ لأن البعير يؤدي مهمته، لكن الكافر أعرض عن الله عز وجل، وعصى الله وعاث في الأرض فساداً، البعير لم يفعل شيئاً، وُضعت فيه الغريزة فسار عليها وفق ما أمره الله تعالى، ما خالف، أما أنت المكلف، الإنسان المكلف أمامه خياران: إما أن يفعل أو لا يفعل، قال تعالى:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)
(سورة الأحزاب)


وصف الإنسان في القرآن:
لماذا (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) لأنه الإنسان، لأنه ما انتقل من إنسانيته إلى إيمانه، انظروا إلى لفظ الإنسان في القرآن الكريم كاملاً، والإنسان في القرآن قبل أن يؤمن، يعني أخذ مرتبة الإنسانية لكن ما انتقل إلى المرتبة الإيمانية، قال تعالى:

إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)
(سورة العاديات)

(إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) .

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)
(سورة الكهف)

خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
(سورة الأنبياء)

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)
(سورة المعارج)

كل صفات السوء فيه إذا لم يؤمن، لأنه انفصل عن خالقه، ترك خالقه فإذا أعرض عن منهج الله تعالى، فصفات السوء مجموعة فيه، لكن عندما ينتقل من الإنسانية إلى الربانية قال:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)
(سورة آل عمران)

لما يتعلم كتاب ربه، يصبح ربانياً منسوباً إلى الرب، فالإنسان إذا لم يؤمن فهو ظلوم جهول طبعاً، لماذا؟ لأنه قال: إنه سيحملها ولم يحملها، قال تعالى:

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)
( سورة الجمعة )

وصف مزعج، لو أن إنساناً قيل له: أنت كمثل الحمار فإنه يقيم الدنيا ولا يقعدها، وهذا حقه، لكن ربنا عز وجل يقول: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ) يعني قيل لهم احملوها (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا) عملاً (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) الحمار حمل التوراة حمل الأسفار على ظهره، حمل كتاباً في الفيزياء أو في الكيمياء أو في الرياضيات أو في الفلك، وضعه على ظهره، وبعد سنة اسأله ماذا تعلمت من الكتاب الذي حملته على ظهرك؟ لا يملك إلا أن يصدر صوتاً:

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
(سورة لقمان)

الإنسان ظلوم لأنه ظلم نفسه
ما عنده ما يتكلم به، فقال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ) يعني عُرضت عليهم التوراة أن يحملوا منهج الله، وأن ينشروه في الأرض، وأن ينهجوا نهجه، وأن يسيروا على هديه، ثم لم يحملوها، يعني لم يحملوها عملاً، (وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) قال أنا لها ثم لم يكن على قدر المسؤولية، يعني إذا قلت لإنسان: هذا الجسم ثقيل، وزنه مئة كيلو هل تستطيع حمله؟ قال: طبعاً أنا أستطيع أن أحمله، عندما وصل إليه لم يستطع تحريكه من مكانه، قل له: حملته ثم لم تحمله، يعني أنت حملته بالكلام لكن ما استطعت أن تحمله في الواقع فأنت ظلوم جهول أضحكت الناس عليك، والإنسان عندما قال: أنا لها يارب، أنا أحمل الأمانة، وأنشر الحق في الأرض ولا أظلم ولا أقتل، قال: (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا). ظلوم لأنه ظلم نفسه، جهول: لأنه لا يعرف قدر الأمانة، أما السماوات والأرض والجبال (فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) خافوا، لا نريد حمل الأمانة (وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) لكن لو أنه حملها وأداها حق التأدية فانظر إلى القرآن الكريم كيف يصف الإنسان المؤمن:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
(سورة الكهف)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا (96)
(سورة مريم)

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)
(سورة القمر)

النتائج رائعة، والعواقب وخيمة، لا يوجد حل وسط، النتائج رائعة إذا حمل الأمانة، والعواقب وخيمة إذا ترك حملها.
إذاً: ربنا جل جلاله خلق الإنسان، جعله المخلوق الأول في الرتبة على بقية المخلوقات، بدليل أنه جعلها مسخرة له، وجعله مسخراً لخالقه وحده، ما جعله عبداً لشيء من المخلوقات، لذلك: أسوأ ما يفعله الإنسان أن يكون عبداً لعبد لئيم:

{ تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ، والدِّرْهَمِ، والقَطِيفَةِ، والخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ. }

(صحيح البخاري عن أبي هريرة)

(تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ) أن يكون عبداً لعبدٍ لئيم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة، الخميصة: الجوع، عبد بطنه، والقطيفة: اللباس المرتب.
كل الناس في الأرض عبيد لله تعالى، مهما حاولوا أن يفلتوا من هذه الحقيقة، مهما حاولوا لأنه إذا واجهته بالحقيقة بأن قطر شريانك التاجي بأمر من؟ هل تستطيع أن تملكه ألا يتضيق؟ لا، إذاً أنت عبد، شئت أن تؤمن بالله، شئت أن تؤمن بقوى خارقة، مثلما تريد، ولكن في النتيجة أنت عبد، كلنا عبيد لأننا مفتقرون في كل لحظة إلى الله، الإنسان يرفع يده لا يملك أن ينزلها أو لا ينزلها إلا بقوة القيوم جل جلاله الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت، فكلنا عبيد، لكن هل نحن عباد؟

الفرق بين عبيد وعباد:
العبد يجمع على عبيد، ويجمع على عباد، غالباً في القرآن إذا جمع على عبيد غالباً فهم عبيد القهر لأنه مقهور في عبوديته لله لأنه في كل لحظة مفتقر إلى شربة الماء، فهو عبد، لكن هل نحن عباد؟

وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63(
(سورة الفرقان)

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)
(سورة الزمر)

فنريد أن ننتقل من مرحلة العبيد إلى مرحلة العباد، مرحلة العباد عباد الحب، العبيد عبيد القهر، نحن عباد الحب إن شاء الله، فكل الناس يعبدون بعد عبادة القهر يعبدون شيئاً اختياراً، يعبدون شيئاً اختياراً، أحد الناس سألته، قلت له وهو يعيش في بلاد الغرب فسألته قال: الناس كلها عندنا عبيد البنوك قلت له: كيف قال لي: نحن نعمل من الصبح إلى المساء كي نوفي الأقساط التي علينا نموت ولا تنتهي الأقساط، الدولة تربطنا بالبنك، نحن نعبد البنوك بصريح العبارة.
نحن عباد الله بالحب
هناك إنسان يقول لك: أنا حر، ما معنى حر؟ كيف حر؟ ماذا تستطيع أن تفعل بحريتك؟ لا يوجد حر بالمعنى المطلق للكلمة، كلنا نعبد، هناك إنسان يعبد شهوته، هناك إنسان يمكن أن يبيع دينه من أجل شهوة محرمة، عبيد الفرج وعبيد البطن موجودون، لكن المؤمن قال: أنا عبد لله، الله خلقني وسخّر لي كل شيء فأنا عبد له، لا أرضى أن أكون إلا له جل جلاله، فربنا جل جلاله لما خلق الإنسان خلقه بحيث يكون له الخيار:

إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)
(سورة الإنسان)

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)
( سورة البقرة)

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)
(سورة الأنعام)

هل هذا الكلام مبني على علم؟ (إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) يعني تكذبون، أنتم يا من تقولون ذلك كاذبون، الذين يقولون: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا) كاذبون لأنهم يفترون على الله الكذب ويقولون: إن شركنا كان لأن الله أراد لنا ذلك، لا، لما خلقه الله جعله مختاراً، هذا من تمام التكليف، ومن تمام منة الله عليه، ومن تمام التكريم أنه مخير، هل تعلمون أن جميع الكائنات في البدء خيرها حتى السماوات والأرض والجبال، بدليل أنه قال لهم: تريدون أن تحملوا الأمانة أم لا؟ إذاً خيرهم، ففي الأصل الاختيار كان للجميع، لكن الذي رفض حمل الأمانة جُعل مسيراً، فيسير وفق غريزته، الذي قبل حمل الأمانة جُعل مخيراً إلى قيام الساعة بحيث يستطيع أن يسلك سبيل الشر وسبيل الخير (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).

السؤال الثاني: لماذا؟:
الإنسان إذا عرف نفسه عرف ربه
أحبابنا الكرام محور هذا اللقاء الطيب هو الأسئلة الكبرى في الكون: من أنا؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ من؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ فالإنسان إذا عرف نفسه عرف ربه، وإذا عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس فيه، هناك ترابط شديد إذا استطاع الإنسان أن يعرف نفسه من هو حقيقة استطاع أن يعرف ربه، وإذا عرف ربه تماماً يعرف نفسه فهناك ترابط بينهما.
الإنسان هو المخلوق الأول المكلف المكرم الذي سخرت له ما في السماوات وما في الارض من أجل خدمته ولا ينبغي أن يكون إلا لربه.
لماذا هو في الدنيا؟ من أجل أن يعبد خالقه، ليس من أجل أن يعبد، هناك نقطتان مهمتان، ليس من أجل أن يعبد وفقط، سأضرب مثلاً حتى يتضح المقصود:
أب أرسل ابنه إلى دولة ما حتى يدرس، فانتبه أن الابن ينشغل عن دراسته ببعض الملهيات، فقال له: ما أرسلتك إلى باريس إلا لتدرس، هل الهدف هو الدراسة؟ لا، الهدف أن يرجع في المحصلة بشهادة، وأن يحقق مركزاً، وأن يحقق مالاً، وأن يرفع رأسه به، هناك أهداف بعيدة، لكن كل ذلك لا يتحقق إلا إذا درس، فقال له: ما أرسلتك إلا لتدرس، فلما يقول ربنا:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
(سورة الذاريات)

فيقول لك أحدهم: ربنا غني عن عبادتنا، لكن طريق السعادة هو العبادة هو خلقك ليسعدك، خلقك لتنعم بقربه، خلقك لتعمر الأرض بالخير، خلقك من أجل أن يكون المسلمون شامة بين الأمم، لكن هل نستطيع أن نحصّل ذلك بغير طريق العبادة؟ لا، فقال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) طريقنا لكل الأهداف هو العبادة، ثم العبادة كما تعلمون جميعاً ليس المقصود بها الصلاة والصيام والحج والزكاة وحدها، وإنما المقصود بها تعبيد الحياة لله، أن أجعل حياتي في عبودية لخالقي، ألا نقول: هذه الطريق معبّدة؟ لماذا؟ لأنها ذُلِّلت حتى وطئتها الأقدام، صارت سالكة، ولما يعبّد الإنسان حياته لله فهو يذلّلها لمنهج الله تعالى ويخضعها لمنهج الله، فيذهب في النزهة فهو في عبادة، ويأكل الطعام فهو في عبادة، ويلعب الكرة وهو في عبادة، ويجلس ويسامر إخوانه بحديث مباح فهو في عبادة، ويجلس مع زوجته في علاقة حميمة فهو في عبادة. لأنه عبّد حياته لله، صار المنهج الإلهي هو الذي ينطلق منه في حياته، حتى إذا دخل إلى الخلاء يقول:

{ اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبَائِثِ. }

(صحيح بن ماجه عن زيد بن الأرقم)

وإذا خرج:

{ كان إذا خرج منَ الغائطِ قال : غُفْرانَكَ }

(أخرجه أبو داود عن عائشة أم المؤمنين)

صار في عبادة، عبّد حياته أي أخضعها لمنهج الله، فلا ظلم لنفسه، ولا ظلم للآخرين، ولا ظلم لربه، فبهذا المعنى نحن خُلقنا للعبادة، بهذا المعنى، أما لما تقول لهذا الجيل: نحن مخلوقون للعبادة: يقول: أنا أريد أن أدرس، أنت تقول لي نحن مخلوقون للعبادة! أنا أريد أن أحضر شهادة من ألمانيا، لم يخبره أحد أن الشهادة من ألمانيا هي جزء من العبادة إذا كانت وفق منهج الله، إذا قيل له نحن مخلوقون للعبادة ذهب ذهنه إلى أن الله خلقنا كي نصلي له والله تعالى يقول:

{ لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا }

(صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري)

فالقضية ليست أنه خلقنا لنصلي له، الصلاة عظيمة جداً، وهي ركن الدين، وعماد الدين لكن ليست القضية في أننا خُلقنا لنصلي، خلقنا لنعبد الله لنعبّد حياتنا لمنهج الله فعندما نبني البناء وفق منهج الله.

السؤال الثالث: إلى أين؟:
تعبيد حياة الإنسان لمنهج خالقه
أحبابنا الكرام اليوم الإنسان الذي لا يعبّد حياته لله، ما الذي نشأ عندنا؟ إذا جئنا إلى الحياة دون دين، دون تعبيد لمنهج الله عز وجل، فأنا عندي طبيب يوهم المريض بمرض غير موجود فيه حتى يبتزه، وعندي مهندس يتلاعب في مواد البناء ويشكل خطراً على جميع السكان من أجل أن يقبض دريهمات قليلة، وعندي محامٍ يأخذ الدعاوى التي فيها ظلم وبهتان ويرشي القضاة!
فعندما لا تُعبَّد الحياة لمنهج الله عز وجل دونكم ما نشاهد وما نرى في السنوات الأخيرة التي طال ظلامها نسأل الله أن يفرج عنها، لأن الناس قد خرجت عن المنهج خروجاً كلياً، خرجت كجماعات، في المئة سنة الأخيرة خرجت كجماعات، المنهج نُحّي بشكل كبير، لكن قبل ذلك طبعاً بكل زمان حتى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك أناس خارجون عن المنهح لأننا مخيرون فلا بد أن تجد في كل زمن من يترك المنهج ومن يأتيه، وشاءت حكمة الله وسنة الله في الأرض أن يكون هذا الأمر موجوداً في كل زمن، وفي كل قارة، وفي كل مكان، ربنا عز وجل يعلم المؤمن ويعلم المفسد من المصلح، فلو شاء ربنا لجعل كوكبين أرضيين، كوكباً يسكنه المصلحون، وكوكباً يسكنه المفسدون، وانتهى الأمر أو قارتين قارة يسكنها المصلحون، وقارة يسكنها المفسدون.
إذاً لا حروب ولا جدال ولا مشكلات ولكن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، ولا يستحق أهل الحق الجنة إلا بالبذل والتضحية :

فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)
(سورة محمد)

فأنا مُمتحَن بك وأنت ممتحن بي، فإذا عاش كل منا في كوكب ونحن صالحون مع بعضنا ومسرورون فأين الامتحان؟ وأين الجنة؟ لا يوجد جنة، ولكن شاء الله أن نمتحن ببعضنا (وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) فإن سأل سائل لكن يارب هذا البلاء نتيجته قتلى في الحروب، وظلم وسفك الدماء، تابع الآية (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)

سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5 (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)
(سورة محمد)

فالقضية ليست قضية دنيا، نحن نعيش للآخرة، نحن في الدنيا مؤقتاً لننتقل إلى الدار التي خلقنا من أجلها.
فإذاً أيها الأحباب الإنسان إذا أدرك ماهية ذاته وأدرك هدفه في الحياة وهو تعبيد حياته لمنهج خالقه، ليسير في الأرض على نور وبصيرة، ويعمر الأرض في الخير، ثم أدرك أن مصيره ومرجعه لله تعالى ليقف بين يديه وهناك الحساب وهناك العرض وهناك النشور، فلا بد أن الحياة تصلح بشكل مختلف تماماً عما إذا كان يخبط خبط عشواء لا يدري، كما قال هذا الشاعر:
جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري
{ إيليا أبو ماضي }
اليوم يوجد مذهب اسمه اللا أدريين الذين لا يدرون، لا تدري!! متى ستدري؟ ربما تنزل في قبرك وأنت لا تدري فيأتي الملكان فيقول: من نبيك؟ فيقول: آه آه لا أدري، هناك لا أدري إلى نار والعياذ بالله.
فأحمد الله تعالى إليكم، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم سلامة الفهم، وسلامة الفكر، وسلامة السلوك.
والحمد لله رب العالمين